الله اختارني للحياة الأبدية

الله اختارني للحياة الأبدية

همران أمبري


Bibliography

الله اختارني للحياة الأبدية. همران أمبري. الطبعة الأولى . 1992. English title: God has chosen for me everlasting Life. German title: Gott erwählte für mich ewiges Leben.

مقدمة: الله يكلّمني شخصياً

كنت في بدء حياتي مسلماً أمارس أمور ديني، وداعية إسلامياً وقد أسَّستُ «الحركة المحمَّدية». وفي عام 1947 اختاروني رئيساً للمجلس الإسلامي في «أمونتاي» ومعي السيد أدهم خالد. وفي عامي 1950، 1951 صرت إماماً للجيش في «بنجرماسين» برتبة ملازم ثان. وقد نُشرت لي مقالات في مجلات إسلامية، منها «منجوان أديل» في سولو، و«منجوان رسالة جهاد» في جاكارتا، و«منجوان أنتي كومونيس» في باندونج. وقد تعاونتُ مع الحركات المناهضة للمسيحية منذ 1936 إلى 1962 في «موارا تيويه» في باريتو - وتعاطفت مع الجماعات الراغبة في تأسيس الحكم الإسلامي في إندونيسيا، والتي كانت بالطبع ستقف ضد المسيحيين.

وكان عندي كتاب مقدس منذ عام 1936، ولكني لم أقرأه لأجد الحق، ولكن لأجد الشواهد التي تساعدني كمسلم (ذي ميول معادية للمسيحية) على مهاجمة الإيمان المسيحي بطريقة أكثر فعالية. وكنت مُقاوماً للمسيح حتى الأربعين من عمري، أرفض ألوهيته والإيمان به، وأسخر منه. ولكن محبة الله العظيمة طلبتني حتى وجدتني وجدَّدتني.

وفي عام 1962 كنت أجهّز خطبة ألقيها في الجامع، عندما أخذت أتأمل بما ورد في سورة المائدة 5: 68 «قُلْ يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ». وكنت قد سمعت هذه الآية مئات المرات من قبل، ولكن هذه المرة همس الله لروحي أن التوراة والإنجيل المذكورين في القرآن لم يعد لهما اليوم وجود، ولكن القرآن يحتوي على ملخَّص لهما، أما الموجود منهما اليوم فهو محرَّف ومن كتابة البشر. غير أنني هذه المرة أدركت بروحي أن التوراة والإنجيل كما هما اليوم في الكتاب المقدس صحيحان ولقد قاوم عقلي هذا الصوت الداخلي، وقال: «لقد تحرَّفت التوراة والإنجيل الموجودان في الكتاب المقدس اليوم». وناقض عقلي ضميري وروحي، حتى صرتُ في شك: أيّهما على صواب!

ولأُريح ضميري أخذت مشكلتي إلى فرصة «صلاة التهجُّد» في منتصف الليل، وفيها طلبت من الله علامات واضحة على الحق، وأن يوضح لي الحق. دعوته: «اللهم، يا بارىء السماء والأرض، يا إله المسلمين والمسيحيين والبوذيين، يا خالق القمر والنجوم والوديان والجبال، يا رب العالمين، اكشف لقلبي الحق بخصوص ما ذكره القرآن عن التوراة والإنجيل. هل لخَّص القرآن التوراة والإنجيل اللذين لم يعد لهما اليوم وجود؟ إن كان هذا هو الصواب فأسترحمك أن تقوّي قلبي حتى لا أدرس الكتاب المقدس أبداً. أما إن كان الحق هو في التوراة والإنجيل المذكورين في القرآن، فأعطني أن أجد الحق في هذا الكتاب المقدس، وأنر بصيرتي حتى أدرسه بأمانة».

ولم أطلب مساعدة أحد لأتَّخذ قراري. لم أستشر فقيهاً ولا ولياً ولا صديقاً. فقط طلبت من العلي القدير أن يختار لي، فيكون اختياري حسب مشيئته السماوية. ودعوت الله بحماس طالباً هُداه ليختار لي الحق الذي أتبعه وأعلنه كالدِّين الحق.

ويرجو كل متديّن أن تكون هناك حياة حقيقية بعد الموت. ولما كنت متديّناً فقد وضعت رجائي ويقيني بالله. كنت أعلم أن هناك مكانين اثنين، نمضي إلى أحدهما بعد الموت: الجحيم حيث العذاب الأبدي، أو النعيم لنكون مع الله في مجد دائم. ولم يكن من السهل أن أفكر في مستقبلي الأبدي باستخفاف. فلو اشتريت مثلاً عشرة جرامات من الذهب النقي، فلا بد أن أفحصها لئلا يكون الصائغ قد غشَّني، فيصيبني الحزن في المستقبل. فكم يجب أن أفكر وأفحص وأنا أبحث مستقبل روحي. نعم كان يجب أن أدرس وأفحص الحق في عبادتي لتكون بحسب مشيئة الله، مالك الحياة الأبدية ويوم الدين. ولو لم أفعل سأظل أندم حيث لا ينفع ندم. لقد كنت موقناً أن الله هو خالق الجحيم والنعيم، لذلك لم أستشر بشراً - لا واعظاً مسلماً ولا مسيحياً، فهم بشر لا يعرفون الحق بحسب إرادة الله. قصدت باب الله صاحب الحق، ورجوته واثقاً أن يلهمني الإرشاد الحق.

والمجد كله لله، فقد سمع دعائي، وهو الذي يعطي الحق لكل من يريد أن يعرفه، إن طلبه بكل قلبه.

وجدير بالذكر أن هناك آيات أخرى من القرآن (بالإضافة إلى المائدة 5: 68) تركت أثرها العميق على نفسي: «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَلاَ تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ» (السجدة 32: 23) - «وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ ٱللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ» (المائدة 5: 46، 47) - «إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَٱلَّذِينَ هَادُوا وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» (المائدة 5: 69).

وهناك آيات قرآنية، أخرى تبرهن أن التوراة والإنجيل هما طريق الحق الصحيح بحسب إرادة الله. وقد شجعتني هذه الآيات أن أغوص أكثر في درس الكتاب المقدس، لأن الله همس في روحي أنه الحق.

وبعد طلبي هداية الله في صلاة نصف الليل أصبحت وقد شعرت بتغيير كامل في نفسي. ومنذ ذلك الوقت اعتبرت الكتاب المقدس رفيقي، لا عدواً لي. وتناولته وكلّي انتظار، وانتبهتُ لكل كلمة فيه لأني أردت أن أعرف الحق. وقلت «بسم الله الرحمان الرحيم» ثم فتحت الكتاب المقدس. ونويت أن أقرأ التثنية 18: 15 لأنه قد سبق لي أن استخدمت هذه الآية لمهاجمة ما يؤمن به المسيحيون، ولدعوة قادتهم للإيمان بمحمد كرسول تنبأت التوراة بمجيئه. ولكن ما أن أعدت قراءة هذه الآية حتى وجدت لها معنى جديداً يختلف تماماً عما عرفته منها من قبل، فأدركت أن الكتاب المقدس سيكون كتاباً مغلقاً صعب الفهم لكل من يرفض الإيمان بما جاء فيه - ولكنه يكون واضح المعنى لكل صاحب قلب مفتوح للحق، لأن الروح القدس يلهم أصحاب القلوب المفتوحة. تقول التثنية 18: 15 «يُقِيمُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ». وقد فهمت هذه الآية كنبوة توراتية عن مجيء محمد، فمحمد نبي مثل موسى، لأن:

  1. موسى وُلد من أب وأم، وكذلك محمد - بخلاف المسيح الذي وُلد من أم بغير أب.

  2. لما كبر موسى تزوج، وكذلك محمد - بخلاف المسيح الذي لم يتزوج.

  3. كان لموسى نسل، وكذلك محمد - وهذا بخلاف المسيح.

  4. مات موسى في عمر كبير ودُفن، وكذلك محمد - أما المسيح فقد رُفع إلى السماء.

لقد كان واضحاً لي أن تثنية 18: 15 نبوة من موسى بمجيء محمد، وأنها لا تعني المسيح مطلقاً، كما أنها لا يمكن أن تعني أن المسيح «ابن الله» كما يدَّعي المسيحيون. ولكني في هذا اليوم قرأت تثنية 18: 15 ببطء ورغبة في فهم معناها الصحيح. ولما قرأت «نبياً مثلي» همس الروح القدس لنفسي: «لو أنك جعلت الشَّبه بين موسى ومحمد في أنهما وُلدا من أبوين، وأنهما تزوّجا وأنجبا نسلاً، ثم ماتا ودُفنا، فإنهما في هذا يشبهان كل البشر. هذه إذاً حقيقة لا تبرهن النبوّة لأيٍ من موسى أو محمد!».

وقد جعلني هذا الهمس السماوي أوقن أن نبوَّة موسى هذه تعني المسيح فقط كالنبي الموعود الآتي. وكان يجب أن أجد أوجه شبه فريدة وغير عادية بين موسى والمسيح. وقد وجدت عدة أوجه شبه بينهما، يختلفان فيها عن سائر البشر!

  1. عند ولادة موسى هدد فرعون بقتله - وعند ولادة المسيح هدّد هيرودس بقتله. وليس كل الناس يتهددون بالموت عند ميلادهم.

  2. أثناء الطفولة قدمت ابنة فرعون الحماية لموسى. أما المسيح فقد حماه خطيب أمه «يوسف». ولا ينال كل الناس حماية عند طفولتهم من أشخاص يعيّنهم الله للقيام بذلك عندما يقع عليهم التهديد.

  3. عاش موسى طفولته في مصر، بعيداً عن وطنه. وقد حدث الشىء نفسه مع المسيح، فقد ترك وطنه إلى مصر. ولا يهرب كل الأطفال إلى مصر في طفولتهم.

  4. لما خدم موسى الله منحه قوة إتيان المعجزات، وهكذا المسيح كلمة الله الحي الذي نال قوة الله ليجري المعجزات، فشفى المرضى وأقام الموتى من قبورهم.

  5. حرَّر موسى بني إسرائيل من عبودية المصريين، وحرَّر المسيح من يتبعونه من أغلال الشر والموت.

وقد دفعتني هذه البراهين للإيمان أن تثنية 18: 15 نبوَّة فريدة، ولا تعني محمداً، بل المسيح كلمة الله المتجسد.

ومع أن محبة الله العظيمة أنارتني لأعرف أن الكتاب المقدس هو كلمة الله بالحقيقة، إلا أنني لم أكن مستعداً لأصبح مسيحياً. لماذا؟ لأن الإيمان المسيحي يشتمل على أمور لا أقدر أن أقبلها، خصوصاً بنوَّة المسيح لله، فمنذ طفولتي تعلمت أن الله لم يلد ولم يولد (الإخلاص 112: 3). وكنت أرفض أن المسيح هو الله، فلا إله إلا الله. وكانت نفسي تكره التثليث «لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوا إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ» (المائدة 5: 73). وكان الصليب مرفوضاً عندي تماماً، فلو كان عيسى المسيح نبياً عظيماً، أو لو كان «ابن الله» كما يقول المسيحيون، فكيف يتعذب على صليب حتى يموت؟ لماذا لم يدافع الله عنه؟ لو أنني رأيت ولدي يتعذَّب على صليب، فإني كنت أسرع بتنجيته وأعاقب معذّبيه، مهما كانت النتائج! ثم، كيف يفقد الله سلطانه على اليهود؟ لقد كان هذا الموضوع مرفوضاً عندي تماماً!

ولكي أفهم هذه المواضيع توجهت للوعاظ المسيحيين، وسألتهم: لماذا يلقّبون المسيح بابن الله، وكيف يكون إلهاً، وما معنى التثليث؟ وبحثت كيف مات المسيح مصلوباً بيد اليهود، كما درستُ توريث الآباء الخطية لأبنائهم، الأمر الذي كنت أعتبره ظلماً واقعاً على الأولاد. ولقد جاوب الوعاظ المسيحيون أسئلتي بعناية، ولكني لم أقبل شروحاتهم رغم أنها كانت وافية بالغرض، وسبب ذلك كان اختلاف خلفياتنا. نعم، هناك اختلافات بين الأديان لم ندرسها دراسة كافية لنجد نقاط الاتفاق المشتركة. وكان يجب أن ندرس دياناتنا بعناية لنبني جسوراً فوق خلافاتنا. وكنت في تلك المرحلة أشبه جهاز الاستقبال، وكان الواعظ المسيحي يشبه جهاز إرسال، والجهازان في حالة جيدة، ولكن طول الموجات كان مختلفاً جداً، فلم يسمع المستقِبل صوت المرسِل. لقد دخل ما سمعتُه من الوعاظ إليَّ من أذن وخرج من الأذن الأخرى! لم يمسّ قلبي لأني لم أفهم طريقة تعبيرهم. ولم يقدر الواعظ أن يفهم خلفيَّتي الإسلامية، فلم تكن توضيحاته كما كنتُ أبغي. لم يكن في شرح الواعظ خطأ، لكن كانت هناك طرق تفكير وشرح أخرى حتى نفهم بعضنا. وبالرغم من ذلك ظللت أرجو أن أفهم، متأكداً أنه ما دام الله سيساعدني لأختار الحق فسيفتح لي الباب ويهديني لأفهم المشاكل التي صارت لي عقبات.

كانت صلاتي المستمرة: «يا رب اكشف لي حقك بخصوص أن المسيح «ابن الله» وأنه «الله». وضّح لي التثليث وسر الصليب. لقد وهبتني البصيرة فعرفتُ أن الكتاب المقدس هو كتابك، فلا بدّ من أنك ستوضح العقبات بواسطة الكتاب المقدس الذي هو كلمتك الصادقة التي لا تتغيّر أبداً من البدء وحتى اليوم وإلى يوم يُبعثون».

وكم ساعدني الله بروحه القدوس الذي عمل في قلبي. وسأشرح كيف أعانني الله لأتغلَّب على العقبات.

الفصل الأول: يُدعى المسيح «ابن الله»

يقول الإنجيل: «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ. وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً» (يوحنا 1: 1، 14). وهاتان الآيتان أوضحتا لي معنى «ابن الله». لقد صار «كلمة الله» إنساناً في ميلاد يسوع المسيح، وعلى هذا فالمسيح يُدعى «... كَلِمَةِ ٱلْحَيَاةِ» (1يوحنا 1: 1). وواضح أن المسيح لم يُدع «ولد الله» لأن الله لم يلد المسيح بطريقة جسمانية بيولوجية (كما يظن البعض خطأً) ولكنه «ابن الله» لأنه كلمة الله الذي ظهر من الروح القدس في ابن مريم. يقول القرآن إن المسيح «روح الله وكلمته» - «إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ» (النساء 4: 171). ويقول الدكتور حسب الله بكري في كتابه «عيسى النبي في القرآن» (ص 109): «يُدعى النبي عيسى «كلمة الله» لأنه تجسُّد كلمة الله الملقاة إلى مريم لتحبل بالنبي عيسى».

وقد دفعني هذا إلى ترك التردُّد في إطلاق لقب «ابن الله» على المسيح لأنه الكلمة الحي من الله القدير، متجسِّداً. ولقد رفضتُ من قبل لقب «ابن» للمسيح لأني فهمتها كميلاد جسدي، و«الله أحد.. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد» (سورة الإخلاص). ويقتبس كثيرون من علماء المسلمين (وكنت مثلهم) هذه الآيات ليقولوا إن المسيح ليس ابن الله. غير أن المسيحي يقبل سورة الإخلاص، لأن المسيحية لم تقل أبداً إن المسيح «وَلَدُ» الله بالتناسل البشري - لكنه «ابن الله» بنوية روحية.

ولذلك أقول إنه لا توجد آية قرآنية واحدة ترفض تعليم الكتاب المقدس أن المسيح يُدعى «ابن الله» بالمعنى الروحي للَّقب. والقرآن ينفي ما لم تعلّم به المسيحية، من أن المسيح «ولدُ الله» بمعنى تناسلي جسدي.

الفصل الثاني: يُدعى المسيح «الرب»

لماذا يُدعى المسيح «رباً»؟ لقد صرفت وقتاً طويلاً عجز فيه لساني عن نطق هذا اللقب، كما لم أقدر أبداً أن أنطق «الرب يسوع المسيح». فقد تعلّمت منذ طفولتي وعلّمت الآخرين أن لا إله إلا الله. ربما لُقِّب المسيح «الرب» لأنه وُلد بغير أب بشري! وكنت أقول: لا! فقد جاء آدم للوجود بغير أب، بل وبغير أمٍ أيضاً، ولكن أحداً لم يُلقب آدم بالرب! أو هل لُقِّب المسيح بالرب بسبب معجزاته؟ لا! فقد أجرى النبي موسى معجزات كثيرة دون أن يُلقَّب بالرب. هل لأن المسيح شفى الأبرص والأكمه وأقام الموتى؟ لا! فقد أقام النبي أليشع الميت وشفى الأبرص، ولم يُدعَ رباً. هل لأن المسيح صعد مباشرة للسماء؟ لا! فقد أُخذ النبي إيليا للسماء في مركبة نارية بغير موت! إذاً لماذا لُقّب المسيح بالرب والله؟

لقد دُعي المسيح رباً كما قرأنا في يوحنا 1: 1، 14 لأن كلمة الله صار إنساناً في ميلاد يسوع المسيح، لذلك دُعي «كلمة الحياة» (1يوحنا 1: 1) أو الله متجسداً في إنسان. ولا يجب أن نفهم التجسُّد كما تعرّفه القواميس، ولا كما تشرحه التعبيرات الجارية. فنحن نقول إن الله «موجود» ولكن الإنسان أيضاً «موجود». ولوجود الله معنى يختلف عن وجود الإنسان، فالله موجود بذاته، لأنه ذات واجب الوجود، ووجوده أزلي، ولكن الانسان موجود لأن الله أوجده، فهو مخلوق.

ولهذا السبب لا نفهم تعبير «تجسَّد الله» كما نفهم تعبيراتنا الجارية. فالقاموس يتحدث عن تناسخ (تجسُّد) القطة فيلاً، فتختفي القطة ويظهر الفيل. ولو تحوَّل الحجر (تجسَّد) ذهباً فإن وجود الحجر ينتهي ويستمر الذهب. أما التجسد الإلهي فمختلف المعنى، فوجود الله لا يتغير بتجسّده، لأن الله لا يتغير (ملاخي 3: 6). لقد تجسّد الله في إنسان، ولكن هذا لا يعني نهاية وجود الله وبداية وجود الإنسان، فالله واجب الوجود. فتجسد الله يعني وجود الله ووجود الإنسان. هذه كلمة تصف عملاً إلهياً يفوق المنطق، ولو أنها ليست ضده. إن تجسد الله معناه أن الله أظهر نفسه بكامل كيانه في إنسان، فأعلن إرادته وقوته ومحبته في شخص الإنسان الفريد يسوع المسيح. بهذا نفهم كلمات المسيح: «ٱلآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 10: 38) «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ» (يوحنا 10: 30) - «اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ» (يوحنا 14: 9). قال الرسول بولس عن المسيح: «فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ ٱللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً» (كولوسي 2: 9).

لقد قال المسيح: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» (متى 28: 18) فالمسيح القدير يحكم كل شيء، وقال عنه الرسول بولس: «هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ» (كولوسي 2: 10). والله هو «الله رب العالمين». وقد «جعل يسوع رباً» (أعمال 2: 36). وهنا نرى الفرق بين «الله» و«الرب». فالله THEOS في اليونانية، والرب KYRIOS واسم الرب يحمل السلطان التشريعي والتنفيذي. وقد ظهر سلطان الله في المسيح في: (1) الخلق (2) التشريع (3) الهداية (4) الغفران (5) التجديد وإعادة الخلق بالروح (6) الدينونة (7) المجد.

إن كل سلطان الله المشرّع الهادي الغافر المخلّص موجود في شخص المسيح، لذلك لُقب المسيح بكلمة الحياة، والمخلص الوحيد. المسيح كلمة الحياة يمارس سلطان الله في الوعظ ومنح الغفران، لذلك جُعل يسوع رباً (أعمال 2: 36 وكولوسي 2: 10).

المسيح هو «الرب»، لأن له سلطان منح الخلاص الكامل. هو مخلّص الجميع، كلمة الحياة الذي قال: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ» (يوحنا 14: 6). وأعيد قولي إن ما جعلني أعجز عن إعلان ربوبيَّة المسيح هو الشهادة الإسلامية التي تعلمتُها وعلّمتُها لغيري «لا إله إلا الله». ولكني تعلمت أن الشهادة الإسلامية لا تناقض الكتاب المقدس الذي يقول: «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (خروج 20: 3). ولهذا أرى أن ربوبية المسيح كامنة في كلمات القرآن التي تعلن أن المسيح «روح الله وكلمته» فهو يحمل كل سلطان الله العامل.

الفصل الثالث: التوحيد المسيحي

تبدو كلمة «توحيد» غريبة على أذن المسيحي لأنها نادرة الاستعمال في كتب اللاهوت المسيحية. ولكن التوحيد المسيحي عقيدة عميقة. فالله واحد في ثالوث، ولو أن معظم إخوتنا المسلمين لا يفهمون ما نقصده بها، بسبب تعليمهم وخلفيتهم.

يؤمن المسلم بوجود إله واحد، إيماناً لا يتغير ولا يزول. والمسيحية تعلّم العقيدة نفسها، فالمسيحيون يؤمنون بإله واحد حقيقي. فهل العقيدة الإسلامية والمسيحية في التوحيد متماثلتان؟

نجد التعليم الإسلامي عن التوحيد في سورة الإخلاص، والبقرة 163 والمائدة 73، وفي غيرها.

ونجد التعليم المسيحي عن التوحيد في آيات مثل إشعياء 45: 5 «أَنَا ٱلرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلَهَ سِوَايَ» ويوحنا 17: 3 «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ» و «لَيْسَ إِلٰهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِداً» (1كورنثوس 8: 4) و «لَنَا إِلٰهٌ وَاحِدٌ: ٱلآبُ ٱلَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بِهِ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ» (1كورنثوس 8: 6).

وبعد قراءة هذه الآيات لم يعُد لديَّ شك في وحدانية الله في المسيحية. لم يكن هناك داعٍ لتغيير عقيدتي في الوحدانية لأنتقل من الإسلام إلى المسيحية. بالعكس بعد أن أصبح مسيحياً سأفهم الوحدانية بنقاء أكثر. كل ما هناك أني سأرفض نبوّة محمد.

ويظن المسلمون أن المسيحيين ينقضون وحدانية الله، ولكنهم في هذا مخطئون. وإني أؤكد أن التعليم المسيحي ينقي عقيدة وحدانية الله، فالتوحيد المسيحي هو أنقى وأفضل تعليم عن الله. يساعدنا على إدراك هذا إدراكنا للمقصود بالشِّرْك.

مشكلة الشرك بالله:

يهاجم الإسلام الشرك بالله. ونحتاج أن نفهم الوحدانية في المسيحية حتى لا تختلط بفكرة الشرك. يعتبر القرآن الشرك إحدى الخطايا الثلاث التي لا تُغتَفر، ولذلك درستُ المسيحية لأتأكد من خلوّها من أي عنصر شرك، فوجدتُ الكتاب المقدس يقول: «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي ٱلسَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي ٱلْمَاءِ مِنْ تَحْتِ ٱلأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ إِلٰهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ ٱلآبَاءِ فِي ٱلأَبْنَاءِ فِي ٱلْجِيلِ ٱلثَّالِثِ وَٱلرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ» (خروج 20: 3-5) ويذكّرنا الرسول يوحنا أن نحفظ أنفسنا من الأصنام (1يوحنا 5: 21). ويجب أن ندرك ما هو الصنم، فليس كل تمثال صنماً، ولا كل عمود أو شاهد قبر وثناً. ولكن هذه تصبح أصناماً عندما تؤدَّى لها الواجبات الدينية ويصلّون أمامها.

إن أصحاب الديانات «الروحية» الذين يعبدون الأرواح هم مشركون، والكتاب المقدس يحذرنا من هذا بقوله: «لاَ يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ٱبْنَهُ أَوِ ٱبْنَتَهُ فِي ٱلنَّارِ، وَلاَ مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلاَ عَائِفٌ وَلاَ مُتَفَائِلٌ وَلاَ سَاحِرٌ، وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ ٱلْمَوْتَى. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذٰلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هٰذِهِ ٱلأَرْجَاسِ، ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ» (تثنية 18: 10-12).

وألخّص هنا بعض نقاط الإيمان المسيحي:

  1. تؤمن المسيحية أن الله واحد، له وحده السجود والعبادة. وكل سجود لغيره خطية كبيرة (لوقا 4: 8، متى 4: 10، تثنية 6: 13، يشوع 24: 14، 15).

  2. لا تقبل المسيحية بوجود آلهة إلى جوار الله، مهما كان نوعها، من تماثيل ومبانٍ وبشر - حتى الكعبة (بيت الله). إن كل سجود لأيٍّ من هذه شرك بالله، ونقض للوحدانية.

  3. المسيحي الصالح لا يستشير عرَّافاً ولا ساحراً ولا قارىء بخت أو طالع. ولا يقدم بخوراً للموتى. وهو لا يخاف من الأرواح الشريرة (تثنية 18: 10-13).

  4. المسيحي الصالح لا يخشى قوة السحر، والأرواح الشريرة، فقد هزم المسيح كل قوات الشر. وستخضع كل هذه الأرواح للمسيح ولأتباعه (يوحنا 14: 12، مرقس 16: 17).

  5. لا يرى المسيحي في أحجار أو خاتم أية قوة خاصة، فالقوة الوحيدة في المسيحية هي قوة روح الله (رومية 14: 17، 18).

  6. يجب على المسيحي أن يصلي لله في حالة قلقه ومخاوفه، والله يعرف حاجتنا ويستجيب صلاتنا (مزمور 5: 3، متى 6: 25-34، 7: 7، 8). ولا يذهب مسيحي صالح لقبر وليٍّ ولا تقي.

  7. وإنني أعلن بضمير صالح أن التوحيد المسيحي هو أنقى توحيد، فلا مكان لروح ولا جان - هناك فقط الآب، وكلمته الحي الفعَّال: يسوع المسيح الرب.

الله واحد في ثالوث:

قبل أن أقبل الإيمان بالمسيح كان التثليث عقبة كبرى لي (كما أنه عقبة لكثيرين). ويرجع ذلك إلى عدم فهم الإيمان المسيحي. وقد وجدت أن التثليث المسيحي لا يناقض عقيدة التوحيد. فالمسيحيون يقدرون أن يردّدوا مع المسلمين ما جاء في المائدة 5: 73 «لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوا إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ» والنساء 4: 171 «وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ». ويعتقد المسلمون (وكنت معهم) أن هذه الآيات تهاجم التثليث المسيحي. والحقيقة أنها تهاجم تثليثاً خاطئاً تهاجمه المسيحية أيضاً، فهي تهاجم وجود ثلاثة آلهة مختلفة، ولكنها لا تتعرض لعقيدة «الله واحد في ثالوث».

ونحن المسيحيين نرفض كل أثر للشرك، بما في ذلك الثالوث «غير الكتابي» - فلا توجد ثلاثة آلهة مختلفة. والمسيحية ترفض أيضاً الكفر بالله، كما ترفض عقيدة حلول الله في الكون. فملخَّص العقيدة المسيحية في التوراة والإنجيل هي «ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ» (تثنية 6: 4، 5 ومرقس 12: 29، 30). وفي إشعياء 45: 5 «أَنَا ٱلرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ». وفي يوحنا 17: 3 «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ». ومن هذا نرى أن التثليث المسيحي لا يناقض التوحيد. ونوضح التثليث كالآتي:

  1. الله الخالق واسمه «الآب» هو خالق الكون. هو «الله القدير».

  2. كلمته «الابن» الذي تجسَّد بالميلاد في يسوع. هو الكلمة الحي الذي يعلن لنا إرادة الله وأحكامه، ويشجعنا بمواعيده، ويكلمنا باللغة التي نفهمها. ولقب الكلمة يشبه لقب «الله المريد».

  3. روح الله الذي يساعد ويرشد ويهدي. وهذا يشبه اسم الله «المحيي».

ونحن نسمِّي هذه التجليات الثلاثة «ثلاثة أقانيم» - مثل ما يقول المسلمون إنها «صفات» الله. وهي واحدة في الجوهر، غير منفصلة. للثلاثة نفس القوة والخلود والوجود. كانوا دائماً معاً، ولم يسبق أحدهم الآخر. فالآب والكلمة والروح القدس هم «الله». فوحدة الثالوث لا تناقض عقيدة التوحيد أبداً، كما أنها ليست اتحاداً بين ثلاثة آلهة.

والقرآن لا يهاجم هذا التثليث. فما جاء في المائدة 73 والنساء 171 يهاجم التعدد في الله. وهذا ما تهاجمه المسيحية. ولا توجد آية قرآنية واحدة تهاجم التثليث المسيحي.

الفصل الرابع: موت المسيح وقيامته

تقول سورة النساء 4: 157 «وَقَوْلِهِمْ (اليهود) إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً».

وما أكثر ما يستخدم الوعاظ المسلمون هذه الآية القرآنية (كما سبق أن فعلتُ) لينكروا أن المسيح مات على صليب. ولقد رفضتُ احتمال أن النبي الصالح، حبيب الله، يموت مصلوباً دون أن يمدّ الله له يد العون. ولو كان هو «ابن الله» فكيف يترك الآب ابنه لمثل هذا الهوان؟! ولكن بعد أن أدركتُ أن حق الكتاب المقدس يؤيده القرآن، كما تأمر المائدة 5: 68 «يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ» جعلت أفكر في موضوع الصلب كما جاء في الإنجيل والقرآن، ودرست الأمر برويَّة وبغير تحيُّز، فوصلت للمعلومات التالية:

  1. يقول المسلمون إن شخصاً صُلب ومات، بدون تحديد لهُويته. وينكر المسلمون أن الذي صُلب هو المسيح، ويقولون إن الذي صُلب هو يهوذا الخائن، أو أحد تلاميذ المسيح.

  2. يؤكد القرآن اقتناع اليهود أنهم قتلوا رسول الله عيسى ابن مريم وصلبوه.

ولقد حاولت أن أعرف من هو الذي صُلب ومات: المسيح أم من؟ ولذلك كان لا بد من الرجوع للوثائق التاريخية، ومن ضمنها الكتاب المقدس الذي يحوي حقائق تاريخية أكيدة - فقد سجلت الروايات الأربع للإنجيل (متى ومرقس ولوقا ويوحنا) قصة الصلب، وثلاث من هذه الروايات هي لشهود عيان. فلو سلَّمنا بشَرْع أن رواية شاهدين تكون سليمة (حسب الشريعة في تثنية 17: 6، 7) تكون رواية ثلاثة شهود عيان لحادثة الصلب صحيحة وقانونية ومعتمدة، بل أنها أكثر اعتماداً من رواية محمد والقرآن الذي كُتب بعد ذلك بستة قرون، ولم يكن صاحبه شاهد عيان.

وهناك شهادة أخرى لموت المسيح: لما أعلن رئيس الجنود الذين قاموا بصلب المسيح، أن المسيح مات، طلب يوسف الرامي من بيلاطس الوالي أن يسمح له بأخذ جسد المسيح، فسمح له الوالي بذلك (مرقس 15: 42-46). ولو كان الجسد الذي أُنزل عن الصليب ليس جسد المسيح، لرفض يوسف الرامي استلامه، لأنه ليس الجسد الحقيقي.

وهناك برهان آخر. طلب اليهود من بيلاطس حراسة قبر المسيح. وما كان بيلاطس ليأمر بحراسة القبر لو لم يكن المسيح هو المدفون فيه، لأنه سمع المسيح يقول إنه سيقوم في اليوم الثالث.

ولو أن المصلوب كان غير المسيح، لما نطق بكلمات المحبة على الصليب، كقوله: «يَا أَبَتَاهُ، ٱغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوقا 23: 34) وقوله: «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنا 19: 30). ما كان يمكن أن يكون المصلوب غير المسيح!

وهكذا تيقَّنْت أن المصلوب الذي أشارت إليه سورة النساء 157 كان بلا شك المسيح نفسه، وليس سواه. إن شهادة البشائر الأربع مقنعة وقانونية وصادقة.

قيامة المسيح من الموت:

لا يوجد في القرآن ما ينكر قيامة المسيح، بل إننا نقرأ في سورة مريم 19: 33 «وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً». وهذا الشاهد القرآني يؤكد أن المسيح مات (مع أن البعض ينكر موت الصليب) كما يؤكد أنه قام و «بُعث حياً». والبعث للحياة دوماً يعقب الموت «أموت». ولقد قام المسيح في اليوم الثالث من موته بجسد حقيقي مرئي ملموس (فيلبي 3: 21). لقد توَّجت قيامة المسيح صلبه، فلو أن المسيح مات ودُفن وبقي في قبره لكانت هذه لطمة للمسيحيين، لأنها تعني أن ربَّهم مات وانتهى، ولاضمحلت حياتهم، وما تبقَّى لهم أمل في حاضر ولا مستقبل! ولو أن عظام المسيح بقيت في قبره لما عبد المسيحيون المسيح، ولما قبلوا المعمودية باسم رب ميت. إن الميت لا يستحق الاتّباع!

لقد مات المسيح مصلوباً ليبرهن لنا محبة الله، لا ليبقى ميتاً. وقد قام منتصراً ليحيا إلى انقضاء الدهور حياة يشهدها ويلمسها الجميع. والكنيسة اليوم تشهد لهذه القيامة المجيدة في كل العالم، بإيمان عامر بالرجاء، فمخلصنا حي إلى الأبد. وإيماننا مبني على المحبة، وحتى لو تألمنا في سبيل إيماننا فسنتمجَّد أيضاً به! (رومية 8: 17).

وفي قيامة المسيح نقوم من كل أنواع الموت:

  1. نقوم من موت الخلافات العائلية، والتناقض والكراهية.

  2. نقوم من موت كسب خبزنا بالألم.

  3. نقوم من موت القلوب القلقة.

  4. نقوم من موت الإيمان الضعيف.

  5. نقوم من موت الفكر الأناني.

  6. نقوم من موت الخوف من المرض والمعاناة.

  7. نقوم من موت الخطية والضعف الروحي والأخلاقي.

معنى موت المسيح:

كتب الرسول بطرس بالوحي المقدس: «لأَنَّ هٰذَا فَضْلٌ إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ ٱللّٰهِ يَحْتَمِلُ أَحْزَاناً مُتَأَلِّماً بِٱلظُّلْمِ. لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ ٱلْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهٰذَا فَضْلٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ، لأَنَّكُمْ لِهٰذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ ٱلْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ. ٱلَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، ٱلَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضاً وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ. ٱلَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى ٱلْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ ٱلْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. ٱلَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ. لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ، لٰكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ ٱلآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا» (1بطرس 2: 19-25).

كان صلب المسيح قمة آلامه. ولم يكن أحد يحب أن يموت مصلوباً، وقد قبل المسيح الصلب لأن الآب رسم له ذلك. وقد تنبأ النبي إشعياء بآلام المسيح المصلوب قبل حدوثها بسبع مائة سنة، قال: «لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ ٱللّٰهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَٱلرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ، كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَاّزِيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. مِنَ ٱلضُّغْطَةِ وَمِنَ ٱلدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ ٱلأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ وَجُعِلَ مَعَ ٱلأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. أَمَّا ٱلرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِٱلْحُزْنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ ٱلرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي ٱلْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ ٱلأَعِزَّاءِ وَمَعَ ٱلْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي ٱلْمُذْنِبِينَ» (إشعياء 53: 4 - 12).

وقد عرف المسيح أن هذه النبوة ستتحقق فيه، لأنه عبد الرب، وعندما واجه المسيح الصلب قال لتلاميذه الذين حاولوا الدفاع عنه: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَأْخُذُونَ ٱلسَّيْفَ بِٱلسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ ٱلآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ ٱثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ ٱلْكُتُبُ: أَنَّهُ هٰكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟» (متى 26: 52 - 54).

لقد سلَّم شيوخ اليهود المسيح إلى الوالي الروماني ليصلبه، لا لأنه أخطأ ضد التوراة، لكن لأنه قال إنه ابن الله وساوى نفسه بالله. ونحن نرى الصلب الذي قاساه المسيح، وسيلة التضحية لخلاصنا من قوة الخطية، لنحيا بروح الله حياة أبدية في السماء.

صعود المسيح للسماء (المعراج):

رأى أحد عشر تلميذاً صعود المسيح للسماء (معراجه) وذلك خارج قرية بيت عنيا (لوقا 24: 50-51). ولا يعترض القرآن على صعود المسيح للسماء. بالعكس. إن القرآن يؤيد الصعود «إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ» (آل عمران 3: 55). وهناك ملاحظتان حول صعود المسيح للسماء:

1 - قدم المسيح لتلاميذه وصيته الأخيرة، وهي تعلن هدف مجيئه للعالم. فقد أمرهم:

  1. أن يذهبوا الى العالم أجمع ويكرزوا بإنجيل الخلاص ليجيئوا بأتباعٍ للمسيح.

  2. أن يعمدوهم باسم الثالوث: الآب والابن والروح القدس.

  3. أن يعلموهم كل ما علَّمه المسيح لهم، في الإنجيل خاصة والكتاب المقدس عامة.

2 - وعدهم أن يمنحهم جميعاً الروح القدس، ولكل من يؤمن به بكلامهم (فالوعد لنا نحن أيضاً) لينالوا قوة يشهدون بها لحقِّ المسيح ابن الله، كلمة الله الحي. ويبقى الروح القدس مع تابعي المسيح حتى نهاية الزمان.

مجيء المسيح ثانية:

سيجيء المسيح ثانية دياناً للأرض كلها، فيدين الأحياء والأموات (أعمال 1: 11، رؤيا 20: 11-15). وبهذا أيضاً يؤمن المسلمون جميعاً، فقد جاء في حديث البخاري، عن أبي هريرة عن نبي الإسلام: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم». وجاء في سنن الإمام أحمد بن حنبل: «ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم إماماً مهدياً وحَكَماً عَدْلاً». وقال نبي الاسلام: «والله لينزل ابن مريم حَكَماً عَدْلاً». وواضح من «حكماً عدلاً» أن المسيح في مجيئه ثانية لن يكون نبياً يعلّم الناس شريعة الله، كما يعرفونها اليوم في التوراة أو الإنجيل أو القرآن، لكنه سيكون ديّاناً للجميع، ومعه كتاب هو «كتاب الحياة» (رؤيا 20: 11 - 15). وقد جاء في رومية 2: 16 «في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح».

بعد ما عرفتُ كل هذا لم يبق عندي ما يعطل إيماني بالمسيح رباً ومخلّصاً لي، أنتظر مجيئه ثانية قاضياً عادلاً. وقد شهد القرآن لأتباع المسيح بالقول: «إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ» (آل عمران 3: 55). ومن هذا يتضح ضمان الخلاص والحياة الأبدية لمن يتبعون المسيح. وقد قال المسيح: «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ ٱنْتَقَلَ مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاة» (يوحنا 5: 24) وقال أيضاً: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا 14: 6).

الفصل الخامس: صحة الكتاب المقدس

كما ذكرتُ في بداية روايتي قصة إيماني، كان أول ما حرَّكني للبحث عن صحة الكتاب المقدس آية واحدة قرآنية هي المائدة 5: 68 «قُلْ يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ». وهذا يعني أنهما كلمة الله الحق لكل من يعبد الله حسب مشيئته بالروح والحق.

ولكن هناك آيات أخرى يردّدها الوعاظ المسلمون (وكنت أفعل ما يفعلون) ويخطئون في تفسيرها فيبرهنون تحريف التوراة والإنجيل. ولقد قررت أن أدرس المعنى الصحيح لهذه الآيات القرآنية، تماماً كما أردت أن أعرف محتويات الكتاب المقدس بنفسي. وقد درست ووصلت الى نتيجة أشارك القارىء فيها:

  1. البقرة 2: 75 «أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ». ويقول المفسرون المسلمون إن «... فريق منهم» تعني علماء اليهود والمسيحية الذين حرَّفوا التوراة والإنجيل. غير أنني وجدت أن هذا ليس المعنى المقصود من البقرة 75 - فالفريق منهم الذي حرَّف الكتاب هم مسلمون من خلفية يهودية ونصرانية، أسلموا ثم ارتدّوا عن الإسلام بعد أن درسوا التعاليم الإسلامية، فاتّهمهم القرآن أنهم يحرفون تفسير القرآن من بعد أن عقلوه. ويمكن أن نفسّر هذه الآية هكذا: «هل لا زلت تتوقع يا محمد أن يصدقوك؟ إن هؤلاء اليهود والنصارى عقلوا القرآن وما جِئْتَ به. لقد آمنوا بالإسلام ثم حرَّفوا معاني القرآن. ولذلك فإنهم حمقى كاذبون جاهلون!».

    البقرة 75 لا تهاجم علماء اليهود والنصارى، ولا تقول إنهم حرَّفوا كتابهم، لكنها تتكلم عن تحريف تفسير القرآن من فريق أسلم ثم ارتدّ عن الإسلام.

  2. البقرة 2: 106 «مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا».

    يقول المسلمون إن المقصود بالمنسوخ هو ما جاء في التوراة والإنجيل. غير أن الدارس المدقق يكتشف أن الآيات المنسوخة هي آيات قرآنية، انتهى العمل بأحكامها. ويقول كتاب «التجديد في الإسلام» إن هناك نحو خمسين آية قرآنية نُسخت.

    ويقول بعض المسلمين إن الآيات المنسوخة هي التي ذكرت معجزات محمد، لأن محمداً النبي المنذر لم يُجْر معجزات كموسى والمسيح اللذين سبقاه. وهكذا نجد أن البقرة 106 لا تنفي صحة الكتاب المقدس ككتاب من عند الله، ولا تقول بنسخه.

  3. المائدة 5: 13 «فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ».

يضيف المفسرون المسلمون بين قوسين كلمتي (اليهود والنصارى) بعد كلمة «لعنَّاهم» لأنهم يحرفون كلام التوراة والإنجيل. والحقيقة بخلاف ذلك. فالملعونون هنا هم يهود ونصارى أسلموا ثم ارتدّوا عن الإسلام، فهاجمهم القرآن لأنهم رفضوا الإسلام من بعد ما عرفوا الحق من محمد. وقد ذكرنا هذا في تعليقنا على البقرة 75. ويمكن أن نستدلّ على صدق ما أقول بدراسة ما جاء في المائدة 7 - 14. وعلى هذا لا نقدر أن نقتبس المائدة 13 كأساس لرفض الكتاب المقدس.

خاتمة:

هناك آيات قرآنية أخرى تقول مثل ما قالته الآيات الثلاث التي أوردناها هنا. وبعد دراستها كلها وجدْتُ أنه لا توجد آية قرآنية واحدة تقول إن الكتاب المقدس قد تحرَّف أو نُسخ. بالعكس! إن آيات مثل البقرة 62 والمائدة 68 والسجدة 23 وغيرها تؤكد أن التوراة والإنجيل هما الحق الكامل لكل من يريد أن يعبد الله بحسب مشيئته.

الفصل السادس: صراع مع مجتمعي

بالرغم من أنني تأكدت من الحق وثبتُّ فيه، وكنت مستعداً أن أقبل المسيح مخلّصاً شخصياً لي، إلا أني لم أعتمد بطريقة رسمية، بسبب تأثير مجتمعي الذي كان عائقاً لي. وكان الخوف والقلق يسيطران عليَّ. ولقد وجدت أن كثيرين يعلنون استعدادهم لقبول المسيح مخلّصاً، ولكنهم يتعثرون بسبب تأثير مجتمعهم، ولأنهم خائفون من إغضاب والديهم، وقد يخافون أن يخسروا وظائفهم. وأعرف شخصاً تعارك مع خطيبته لأنه أرادها أن تؤمن بالمسيح مثله. نعم! هناك معطلات تمنع الناس من اتّباع المسيح بكل القلب.

وقد نبَّهنا المسيح لتأثير المجتمع (متى 10: 16- 23 و34 - 40) لأنه سيضطهد تابع المسيح، فقد يكرهه أبواه، وقد تتقطع علاقاته العائلية، وقد تُهَدَّد حياته. ولكن الذين يقبلون المسيح في قلوبهم ليملك على حياتهم سيحصلون على سلامه وسط هذه كلها، وستنصرهم نعمة الله على كل اضطهاد. ولقد اختبرت ضغوط المحيطين بي، ولكن الله منحني طريق النجاة من كل صعوبة.

من سنة 1961 - 1964 كنت أمارس واجبات الديانتين الإسلامية والمسيحية. كنت أذهب للجامع يوم الجمعة وأؤدي الصلوات الخمس يومياً. وكنت أذهب للكنيسة أيام الآحاد. ولم يكن ذهابي للكنيسة عن اقتناع، بل لدرس الحق. ولقد سمعت من غير مسيحيين يصفون المسيحيين بأنهم عابدو أصنام، من تماثيل وصور. ولذلك زرت كنائس كثيرة في جاكرتا أيام الآحاد، وكنت أحياناً أزور أكثر من كنيسة كل يوم أحد، لأرى إن كان المسيحيون عابدي أوثان أمام التماثيل والصور. وأخيراً اكتشفت أن شكوكي كانت بغير أساس، فلم تكن في الكنائس التي زرتها أي عبادة وثنية.

منذ عام 1964 امتلأت نفسي من روح الرب، روح الحق، فقررت أن أقبل المسيح مخلّصاً لي بكل القلب. ولكن كان عندي ضعف: لم أقدر أن أعلن إيماني علانية، وحافظت على إيماني سراً، وزرت عدة كنائس طالباً معموديتي في الخفاء حتى لا تعرف عائلتي ولا أصدقائي ولا حتى زوجتي بذلك. ولكن الكنائس رفضت معموديتي، لأن المعمودية لا تتم سراً.

وبعد عدّة أسابيع ذهبت إلى القس سابيوليت في كنيسة بيت إيل في جاتينيجارا، وطلبت المعمودية فوافق على ذلك فوراً، على شرط أن أُحضر معي اثنين أو ثلاثة من جيراني المسيحيين، ليكونوا مرشدين روحيين لي في حياتي الجديدة. ولكني لم أوافق على هذا الشرط خوفاً من أن يعرف الناس سر معموديتي، وخصوصاً عائلتي. وخفت أن أدعو زوجتي معي إلى الكنيسة، لئلا تطلب إعلان طلاقي منها على رؤوس الأشهاد. نعم، كنت خائفاً من إجراءات طلاق علني، ولذلك أردت أن أحيا للمسيح سراً.

على أن روحي لم تطق التردد في اتخاذ القرار. لقد عرفت المسيح مخلِّصي، فتوقفت عن تقديم الولاء للديانتين، وبدأت أحضر الكنيسة فقط، ولكني كنت خائفاً من عائلتي، ولم أعرف طريقة للتغلب على هذه المخاوف. ولم أطلب مشورة أحد، وكان صراعي حاداً داخل نفسي. والحمد لله الذي ساعدني في الموعد المناسب لأتغلب على صراعي. لقد كنت متردداً في الحديث مع زوجتي عن تغيير عقيدتي علناً، فجعل الله زوجتي تفتح الموضوع معي، لأن الله أعطاها سلاماً داخلياً وهي ترى أشجار عيد الميلاد تتألق في بيوت جيراننا المسيحيين، وفكرت في كم حياة العائلات المسيحية جميلة مسالمة سعيدة. وشعرَتْ بسلام أكثر مع تراتيل الميلاد وفرحة عيد ميلاد المسيح. وجاءت زوجتي وإحدى بناتي إليَّ تعبّران عن هذه الأحاسيس، وتطلبان أن تكون عائلتنا كلها مسيحية تختبر أفراح الحياة العائلية المسيحية. وكانت هذه هي الفرصة التي طالما انتظرتها!

وفي اليوم التالي - وكان عيد الميلاد - طلبت من القس سابيوليت مرة أخرى أن يعمدنا - كلنا كعائلة قبلت المسيح. فاستجاب لطلبي فوراً وعمدني وزوجتي وسبعة من أولادنا. وكان ذلك يوم 26 ديسمبر 1969. وبعد أسبوع واحد طلب ولدنا المعمودية، وكان من فترةٍ قد بدأ يذهب للكنيسة، لكنه كان خائفاً أن أكتشف أمره. وكنت أنا أفعل الشيء نفسه، وكلي خوف أن تعرف زوجتي وأولادي بالأمر! وكأننا كنا نلعب لعبة «الاستغماية». وكم أشكر الله لأن كل أفراد عائلتي قبلوا المسيح مخلصاً ورباً لحياتهم.

بركات كثيرة

بعد أن اعتمدت أنا وعائلتي يوم 26 ديسمبر 1969، اختبرت عائلتي أفراحاً ومباهج بعد أن تغيَّرنا، ونلنا بركات كثيرة غيَّرت حياتنا. يقول الرسول بولس: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (2كورنثوس 5: 17). فعندما يقبل إنسانٌ المسيح مخلصاً له يُجري الله تغييرات في حياته، وتنطبع فيه صورة المسيح، فالكتاب المقدس يقول إن الله خلق الإنسان على صورته (تكوين 1: 27) ونتيجة لهذه الطبيعة الجديدة يتولّد فرح وحب وأشواق مقدسة في قلب المؤمن، فما كان يحبه قبلاً يبغضه الآن، وما كان يبغضه قبلاً يحبه الآن، لأن حياته تغيَّرت. وهذا التغيير واضح حتى يلاحظه المحيطون به، لأن طريق الحياة تغيَّرت، فتتغير كلماته. وما أعظم هذا التغيير!

ولقد أحسست بهذه التغييرات واختبرتها في حياة عائلتي. انتهى الطبع الحاد، وأصبحنا عائلة نحب بعضنا بعضاً. شعرنا في حياتنا الروحية بسلام وسعادة. زالت شكوكنا، وأصبحت نفوسنا مطمئنة عامرة بالفرح. حتى في حياتنا المادية باركنا الله كثيراً. وهذا يبرهن صدق مواعيد الله التي تتحقق في أتباع المسيح: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ ٱلْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ» (يوحنا 7: 37، 38) وقال أيضاً: «وَأَمّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10: 10).

لقد كان التغيير في عائلتي واضحاً وحدث بسرعة، مما أثار تساؤلات جيراننا، فقد ظنوا أننا تلقَّينا معونة مالية من الكنيسة لنتحوَّل إلى المسيحية، وكانوا يسخرون منا قائلين بعضهم لبعض: «إن أردتم أن تصيروا أغنياء بسرعة، اتبعوا نموذج السيد أمبري، وصيروا مسيحيين، تتلقّوا ملايين الروبيات من الكنيسة». لقد ظنوا أن البركة الروحية التي نلناها جاءت من مساعدة الكنيسة المالية لنا كرشوة لنصبح مسيحيين، وهذا بالطبع لم يحدث إطلاقاً، فلم نأخذ من الكنيسة أي معونة مالية لنصبح مسيحيين. لم نأخذ من الكنيسة ماديات ولا وعدونا بوظيفة، ولكن حياتنا تباركت من كرم الله الذي وعد كل من يؤمن به أن ينال بركة وحياة فضلى. بالعكس، فإننا ندفع عُشر دخلنا للكنيسة حسب تعليم الكتاب المقدس في ملاخي 3: 10.

سنواتي المسيحية السلبيَّة

لقد كنت مسيحياً سلبياً من عام 1970 - 1972 كنت أثناءها مشغولاً بعملي لأربح المال الكافي لإعالة أسرتي. كنت أثناء هاتين السنتين أذهب إلى الكنيسة أيام الأحد واقرأ كتابي المقدس وقت فراغي، ولكن الله بكَّتني على هذا الموقف ثم بدأ الله يوبخني قائلاً: «إن كنت تريد أن تكون مسيحياً فلا يكفي أن تكون بهذه المواقف السلبية، تجلس كسولاً تتمتع ببركات الله التي ملأت حياتك. إنك كتلميذ للمسيح يجب أن تقوم بشهادة واضحة له تخبر الآخرين فيها بإنجيل المسيح، كما أمرك في متى 28: 19، 20». ولكن كيف أبدأ في تقديم شهادتي علناً لأخبر الآخرين بالإنجيل؟ لقد كنت موافقاً على أن أفعل ذلك، لكني لم أكن أعرف كيف أبدأ. ومرة أخرى فتح لي الله الطريق وهكذا كان:

ذات يوم جاء أعزّ أصدقائي من «بنجرماسين» ليقضي الليلة معي. كان صديقاً بكل ما في الصداقة من معان جميلة، وقف إلى جواري دائماً في البأساء والضرَّاء. وعندما كان الجنود الهولنديون يلقون القبض على الناس كنا نلتقي في السجون معاً. وحيَّاني صديقي كالمعتاد لأنه لم ير في بيتنا أية علامات على أننا أصبحنا مسيحيين. ولما ألقى السلام عليَّ قائلاً: «السلام عليكم» أجبته «وعليكم السلام». كان قد سمع من أصدقائه أني صرت مسيحياً، ولكنه قال: «إن هذا مستحيل» حتى أنه أقنع كثيرين من الجيران بصدق حكمه وهو يقول لهم: «لقد عرفتُ صديقي همران أمبري معرفة جيدة، ليس فقط في جاكرتا، لكن في بنجرماسين أيضاً. إنه ليس مؤمناً مسلماً عادياً فقط، لكنه شخص يدرك معنى إيمانه. لقد كان في محافظتنا محارباً مسلماً، وكان دوماً ضد المسيحيين، وواحداً من قادة طائفة المحمدية، كما أنه كان صحفياً مسلماً وواعظاً معروفاً في المنطقة الوسطى من بلادنا، وفي شرق كالمنتان، ثم أنه كان عضواً في البرلمان الإسلامي لكالمنتان في أمونتاي سنة 1947. لقد كان همران أمبري واحداً من دعاة الإسلام حتى عيَّنه الجيش الإندونيسي الوطني رئيساً للوعاظ في الجيش. إني مقتنع أن همران أمبري لن يغيّر دينه الإسلامي إلى المسيحية». ولكن أحد جيرانه أقنعه أن أهل قريتي رأوني أذهب إلى الكنيسة بانتظام، وأزيّن شجرة عيد الميلاد بمناسبة عيد ميلاد المسيح، وطلبوا منه أن يوجّه إليَّ سؤالاً مباشراً عن ذلك، لكي أبيِّن له الموقف. وعندما جاء صديقي لزيارتي وجَّه لي سؤالاً مباشراً إن كنت قد صرت مسيحياً فعلاً. فأجبته: «بغير شك. هذا صحيح. أنا وكل عائلتي نلنا نعمة المعمودية». وعندما سمع إجابتي بكى وشعر بالأسى لأنه أدرك أن كارثة قد حلَّت، لأنه لم يكن قادراً على فعل أي شيء. فوقف لحظات ثم غادر البيت. وبعد أن وصل إلى بنجرماسين أخبر أهله بأخباري، فانتشرت الأخبار حتى نشرتها صحيفة «هاريان أوتاما» وكتب صديقي الصحفي المسلم في العاصمة واسمه «أرسياد ماران» بالحروف الكبيرة في جريدته يقول: «عَلَمٌ معروف في الحركة صار مسيحياً». وقال الخبر: «عَلم من أعلام الحركة المحمدية في الثلاثينات كان يوماً رئيس تحرير الجهاد». أما السيد أنتيماس فقد كتب يقول: «تنصير علَم من أعلام المحمدية إلى المسيحية. خبر غريب!». وصحفي آخر اسمه «أرثوم أرثا» قال: «نرجو أن تكون الأخبار خاطئة، فإن إيمان همران أمبرى أحد أبطال الاستقلال لا زال موضع الشك». ولقد كانت ردود فعل المسلمين في بنجرماسين متحيّزة. قالوا إن المشاكل الاقتصادية الحالية يمكن أن تجعل إنساناً يغيّر دينه. ولكنهم لم يذكروا اسمي. حتى الجامعة الإسلامية I.A.I.N أنتساري نشرت أخبار تنصيري، ولكن سكرتير الجمعية المحمدية في بنجرماسين أنكر أني «واحد من أعلام الجماعة» لكني «مجرد محارب مسلم».

ولقد كان الهدف من نشر أخبار تنصيري في هذه الجرائد الإسلامية إشعاري بالخجل وعودتي إلى الإسلام. لكن إرادتهم كانت تختلف عن إرادة الله، فقد استخدم الله هجومهم هذا ليحرّك داخلي رغبة أن أصبح مسيحياً فعَّالاً أقدم شهادتي لحقِّ ألوهية المسيح.

وبسبب ما نُشر في هذه الصحف صار تنصيري موضوع مناقشات بين الجميع. وهدَّدني كثيرون بالقتل، بل أن بعض أصدقائي ظنوا أن الذين نشروا أخبار تنصيري كاذبون، فأرادوا أن يقتلوهم، ولذلك سارعتُ بكتابة خطاب مفتوح أعلن فيه إيماني، نشرته جريدة «هاريان أوتاما» في بنجرماسين قلت فيه:

خطاب مفتوح إلى قرّاء «هاريان أوتاما»

جاكرتا في 6 مايو 1972

السلام عليكم أصدقائي الأعزَّاء، أعترف هنا أنني قد صرت تابعاً للمذهب المسيحي الإنجيلي، فقد تجددت وصرت أحد أعضائه منذ 1964. إن الأخبار التي نُشرت في جريدتكم مثيرة حقاً لأنها تصف من تدعونه «واحداً من أعلام الإسلام ومحارباً في سبيل الحرية». وإني شاكر لكل الذين عبَّروا عن مشاعرهم من أصدقاء وصفوني بأني «أحد أعلام الحركة المحمدية، وأحد المحاربين المسلمين». وأنا لم أعتبر نفسي يوماً صاحب مثل هذا الشرف. نعم لقد اشتركت في الماضي في حرب كما قال أصدقائي، ولكن ذلك كان لمجرد قيامي بالواجب نحو بلدي، ولهذا السبب لم أطلب أي لقب في الخدمة كمحاربٍ أو كبطلٍ من أبطال الاستقلال، لأني قمت بمجرد واجبي.

أشكركم يا أصدقائي، وخصوصاً صديقي أرسياد ماران، وأنتيماس وأرثوم أرثا الذين عبَّروا عن مشاعرهم نحوي في ما نشروه. ولا يوجد فيما كتبتموه ما أنكره، ولكني فقط أردت أن أصحّح أني لم أطلب أبداً أن أُعطَى لقباً من ألقاب الاستقلال. وأفيد صديقي أرثوم أرثا أني أرسلتُ إليه «مذكرات إيماني» ليعرف ما جعلني أصبح مسيحياً إنجيلياً. ومهما حدث فسيظل الأصدقاء أصدقاء، وستظل الصداقة الحقيقية باقية لا تنفصم. أشكركم كثيراً وأشكر كل من اهتم وكتب.

صديقكم المخلص همران أمبري

بداية شهادتي الفعالة لحياتي المسيحية

بعد نشر رسالتي المفتوحة جاءتني رسائل كثيرة من أصدقائي في بنجرماسين وهولو سونجاي عامرة بعبارات الأسى، وفيها نصائح وتحذيرات بآيات قرآنية. كما أن البعض سألني عمَّا أدى بي إلى الإيمان بالمسيحية. ولقد دفعتني هذه الرسائل كلها على تسجيل شهادتي المسيحية مكتوبة. كتبتها أولاً على آلة كاتبة كرسائل شخصية، ثم بدأت استخدم الاستنسل (آلة الاستنساخ) لأكتب «مذكرات إيماني» ثم كتبت مقالاً عنوانه «الله والمسيح والروح القدس» وطبعتها في مطبعة. ثم نشرتُ وأكملت ذلك سنة 1973. فجاءتني رسائل كثيرة تثير أسئلة وتتعاطف مع ما قلت، ثم بدأت مناقشات ومناظرات بيني وبين من يفتشون عن الإيمان.

ونشرت صحف إسلامية كثيرة هجوماً على إيماني بسبب تلك المناظرات، ونتيجة لذلك جاءتني رسائل من كل نواحي إندونيسيا من بنجرماسين والمناطق الإسلامية من غرب جاوا ووسطها وشرقها، وأيضاً من سومطرة. كما جاءتني رسائل من الخارج، من مصر وماليزيا مثلاً. واستمرت تلك الرسائل نحو ستة أشهر. وهاجم كثيرون المسيحية، فكان لا بد من طبع وثيقة إيماني، فنشرت مراسلاتي مع الآتي اسماؤهم:

  1. هـ. م. يوسف صعيب (وهو صحفي مسلم من «ميدان» مساعد رئيس تحرير مجلة «قِبْله» جاكرتا).

  2. مع صامودي (مدرس للديانة الإسلامية في سلاتيجا).

  3. مع الإمام موسى بروجوسيسويو (وهو محرر مجلة سنودي إسلام في جاكرتا).

  4. مع واهيونو هادي (دار الكتب الإسلامية في جاكرتا).

  5. مع علي يعقوب ماتوندانج (طالب مسلم في القاهرة - مصر).

  6. مع حسن تو (واعظ الجماعة الإسلامية الإندونيسية في دنباسار بالي).

  7. مع إزيف فهمي وآخرين (جماعة من الطلبة المسلمين في سورابايا).

  8. مع م. ا. فضلي (رئيس مسجد أجونج، المسجد الرئيسي في كيماهي - باندونج).

وحتى سنة 1979 كنت قد جاوبت آلاف الرسائل لإخوة مسلمين في مختلف أجزاء إندونيسيا، وفي كل يوم كانت الرسائل الآتية تملأني بالتشجيع، لأن أصحابها كانوا يفتشون عن الحق. ويبدو أن إجاباتي أرضَتْهم، كما أن كثيرين زاروني شخصياً. ولما كثر عددهم خصصت مواعيد خاصة لمقابلة طالبي النصيحة بخصوص الإيمان المسيحي كل يوم ثلاثاء وخميس وسبت، من الصباح حتى المساء. وأشكر الله من أجل كل هذا، فقد استخدمني لأشرح حق الكتاب المقدس وألوهية السيد المسيح لإخوتي المسلمين، ليستطيعوا أن يفهموا المسيح فهماً صحيحاً.

وبسبب إجابة الأسئلة والاعتراضات التي تلقَّيتها وجدت أن عليَّ أن أجلو سوء الفهم بخصوص الكتاب المقدس وألوهية المسيح، ليتضح الحق لمن يطلبه.

بداية خدمة خارجية

ومن 1973 حتى فبراير 1978 كنت أقدم شهادتي من مكتبي بإجابة الأسئلة، ثم نشرت إجاباتي في كتب. وفي فبراير 1978 صليت إلى الله قائلاً: «يا رب، أرجوك أن تعطي هذه الحركة ميداناً جديداً، لأن ميدان المراسلات كاد يتوقف». وهنا تلقيت إجابة في قلبي في اليوم التالي أني يجب أن أخرج من بيتي لأجد لنفسي حقلاً جديداً شهادةً للمسيح، فخرجت دون أن أعرف وجهتي حتى وصلت إلى الشارع الرئيسي، فطلبت من الله أن يوجّه خطواتي. فقالت روحي لي أن أتَّجه شمالاً، فاتَّجهتُ شمالاً دون أن أعرف إلى أين أمضي. وظللت أمشي على قدميَّ، فوجدت نفسي أمام «معهد درس الكتاب المقدس في إندونيسيا». فطلب الرب مني أن أدخل المكتب. وكان الشك يملأ نفسي لأني لم أكن أعرف أحداً بالداخل معرفة جيدة. نعم كان هناك القس ب. بروبو وينوتو، لكنه كان قد انتقل إلى «سالتيجا». على أني دخلت المكتب، ولا أعلم مع من أتكلم ولا ماذا أقول. ولكن نفسي أجبرتني على الدخول. وعرفني أحد الأصدقاء فقال لي: «يا سيد أمبري، المجد لله! يا له من إرشاد! يريد شخص أن يتحدث إليك». وقادني للقاء القس م. ك. جاكراتمادجا، وكان قد سمع عني وأراد أن يقابلني. وكم تباركت من الحديث معه. ثم طلب شراء بعض كتبي. وسألت نفسي إن كان هذا هو الحقل الجديد الذي أعمل فيه، ولكن روحي لم تقتنع. وأردت أن أرجع إلى بيتي، ولكن روحي دفعتني أن أستمر سائراً في اتجاه الشمال. فأخذت أسير إلى أن وقفت أمام مبنى ديني قالت لي روحي أن ألتقي فيه بالقس الدكتور بورمز. وتساءلت: أكلمه وأنا لا أعرفه من قبل، كما أنه لا يتبع طائفتي الجديدة؟! وكنت قد التقيت به منذ ثلاث سنوات لقاءً عابراً، ولكن الروح أمرني أن أدخل. وفي تردد وقفت لحظات، وإذا بالقس بورمز يراني، فيُقبل نحوي مهللاً يقول: «أهلاً يا سيد أمبري. كنت مشغولاً بك منذ الأمس، وفكرت فيك. وهناك ما أريد أن أناقشه معك، فربما نستطيع أن نشتغل معاً». واندهشت كيف يذكرني القس بورمز؟ لم يسبق أن تعارفنا عن قرب. ولكني تذكرت صلاة ذلك اليوم! لا بد أن الروح القدس قادني للحضور إلى هنا. ولا بد أن الله يدعوني إلى خدمة في ميدان جديد.

ودُعيت يوم الجمعة التالي أن أحضر إلى «فندق إندونيسيا» لألتقي بمجموعة وعاظ يريدون أن يتعرفوا عليَّ. وفي يوم الجمعة 24 فبراير 1978 ذهبت إلى فندق إندونيسيا لأحضر اجتماعاً يعقده رجال الأعمال من جاكارتا. وعندما قدَّموني إلى الحاضرين ظهر أن كثيرين منهم سمعوا عني، وأرادوا أن يقابلوني شخصياً. ومنذ ذلك الوقت بدأوا يدعونني لأعظ في اجتماعات بيوت تابعة لكنائس مختلفة. وبدأت أقدم شهادتي في كنائس في جاكرتا وباندونج وحولهما، مع زيارات لجنوب كلمنتان ووسطها وشرق جاوا، وغيرها. وهكذا بدأتُ خدمة كبيرة بعيداً عن مكتبي. وبالطبع لم تتوقف المراسلات، بل بالعكس زادت وأشكر الله على ذلك، لأن الرسائل تجلب لي بركات كثيرة من الذين يفتشون على الحق.

لقد بارك الله خدماتي:

في 13 مايو 1979 طُلب إليَّ في رسالة مكتوبة أن أشترك في مناظرة في جامع دار السلام من شارع بتنغاري في جاكرتا، موضوعها «ألوهية المسيح». ويشترك في المناظرة من الجانب الإسلامي الدكتور «أبو نيامين روهام» و«ساني أردي». وكان عدد الحضور مئة من مدرّسين وطلبة. وسمحوا لي فقط بالإجابة على الأسئلة التي تُوجَّه لي. وكانت النتيجة طيبة والروح صدوقة. وانتهى الاجتماع بأن سلَّمنا بعضنا على بعض.

وفي 22 يوليو 1979 استمرت المناظرة بيني وبين عديد من القادة المسلمين من «مجلس العلماء». وكان موضوع المناظرة «الله القدير واحد أو ثلاثة». وناظرني عشرة من العلماء، أمام مئة وخمسين من القادة والمعلمين المسلمين. وفي خلال شهرين (بعد 15 أغسطس) زرت عدة أماكن خارج جاكرتا، ثم في غرب وشرق جاوا، ثم امتدت خدمتي إلى كل أنحاء بلادي، أناظر علماء المسلمين وأشرح وجهة نظري الجديدة.

الفصل السابع: الخاتمة

لا شك أن الخلاص هو الهدف الأهم لكل إنسان، خلاص نفسه وعائلته وممتلكاته، فنجاة هذه كلها من الخطر هي هدف الحياة السعيدة. وكإنسان متديّن لم يكن خلاصي وقفاً على الأمور العالمية، لكن كان خلاص روحي من سطوة الخطية وقوتها يشغل جزءاً هاماً من تفكيري. أما العامل على الخلاص الروحي فهو محبة الله.

ولنفترض أن آدم وحواء لم يسقطا في الخطية. لا شك أن الإنسان كان سيحيا حياة أبدية. لكن بسبب الخطية التي دخلت العالم، وبها عصى الإنسان الله، سقط آدم فسقطت ذريته. وأبعد آدم وحواء نفسيهما عن الحياة الأبدية وسقطا إلى الحياة القابلة للموت، فصار موت الجسد نهاية طبيعية لكل حي. ولقد اخطأ الجميع واستحقوا الموت الأبدي، فكان لا بد أن يفتشوا عن خلاص نفوسهم. والله الغني في الرحمة والحنان لم يترك الإنسان في موته وانفصاله عنه سبحانه، لكنه وعد أن يعطي الإنسان حياة أبدية أفضل جداً من تلك الحياة التي كانت لآدم وحواء في جنة عدن.

وإليك خطوات تقرّبك إلى الله:

الخطوة الأولى

أمرنا الله بواسطة الأنبياء أن نتوب ونرجع إلى الله ونطيعه ونتبع وصاياه التي جاءتنا في كتب موسى والأنبياء (عب 1: 1 أ).

الخطوة الثانية

تجسَّد الله في كلمته السيد المسيح، الذي هو «كلمة الحياة» و«الابن الوحيد من الآب» (عبرانيين 1: 2، يوحنا 1: 1، 14، 1يوحنا 1: 1).

الخطوة الثالثة

يقود الله الإنسان بواسطة الروح القدس، روح الله نفسه، ليعطي إرشاداً للبشر من كل العالم حتى يطيعوا كلمته المكتوبة في الكتاب المقدس. وكل الذين يقبلون قوانين الله وإرشاداته ومواعيده العظيمة ينالون الحياة الأبدية.

وعلينا أن ندرك المعاني التالية:

«لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 16). كما نفهم أنّ «مَنْ آمَنَ وَٱعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (مرقس 16: 16). وقد قال السيد المسيح: «أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10: 10). كما قال: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ» (متى 28: 20) وقالت الملائكة لتلاميذ المسيح: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هٰذَا ٱلَّذِي ٱرْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ سَيَأْتِي هٰكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقاً إِلَى ٱلسَّمَاءِ» (أعمال 1: 11) وقال المسيح عن مجيئه ثانية: «وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ» (لوقا 21: 27).

إن مجيء المسيح ثانية واضح في الكتاب المقدس، كما أن المسلمين يعتقدون به، لأنهم يقرأون عنه في الحديث، عندما يجيء المسيح حكماً عادلاً.

وهناك ثلاثة مواعيد يضمنها الله لأولاده:

  1. الحياة الأبدية في السماء، وهي حياة أكثر مجداً من حياة آدم وحواء بعد خَلْقهما وأثناء إقامتهما في الجنة. ولكي نحصل على حق الحياة الأبدية والخلاص السماوي، علينا أن نضع ثقتنا وإيماننا في المسيح، وأن نصبح له تلاميذ مخلصين ونعتمد باسمه.

  2. الحياة المشْبَعَة روحياً وجسدياً ومادياً بالبركات التي نتمتع بها من السماء. فكأتباع للمسيح لا يعوزنا شيء، لكن سيعطينا الله كل ما نحتاج إليه.

  3. الروح القدس الذي سيمكث معنا إلى الأبد نحن المعترفين بالمسيح، ليجعل منا تابعين مخلصين له حيثما نكون حتى نهاية الدهر.

فلهذه الأسباب اسمح لي أيها القارئ العزيز أن أقترح عليك أن تتخذ قرارك الآن. قرِّرْ أن تقبل وعود الله بالخلاص في المسيح. اقبل المسيح ملكاً على قلبك ليكون في حياتك، ليضمن لك الطمأنينة والسلام في شخصه العزيز، فتنال حياة أبدية مع الله. لا تهمل هذه الفرصة، ولا تؤجل الى الغد. قم بواجبك اليوم فربما لا يجيء الغد بالنسبة لك أبداً، وقد ينغلق باب التوبة في وجهك فتتأسف الأبدية كلها، وتعاني من العقاب الأبدي. ارجع الى الله بقلب نقي، واقبل المسيح رباً ومخلصاً لك لتدخل من باب الخلاص إلى الحياة الأبدية.

مسابقة الكتاب

أيها القارئ العزيز،

إذا قرأت هذه السيرة الممتعة بتمعن، يمكنك الاجابة على الأسئلة التالية وذلك بنسخ الأسئلة إلى قسيمة الاتصال بنا في الموقع وإضافة الجواب تحت كل سؤال.

  1. اكتب آية هامة من القرآن تُظهر أن المقصود بالتوراة والإنجيل هو الكتاب المقدس الذي عندنا اليوم.

  2. اذكر أربع آيات قرآنية توضح أن التوراة والإنجيل هما الحق بحسب مشيئة الله.

  3. ما هي أوجه الشَّبه الفريدة بين موسى والمسيح؟

  4. ما هي العلامات التي توضح أن النبوة الفريدة في تثنية 18: 15 تشير إلى المسيح كلمة الله المتجسد؟

  5. بعد أن اكتشف همران أمبري أن الكتاب المقدس هو كلمة الله الحقيقية، لم يكن مستعداً لقبول المسيح. لماذا؟

  6. لماذا رفض همران إجابات الوعاظ المسيحيين على أسئلته؟

  7. كيف تغلَّب همران على العقبات الثلاث التي اعترضت طريقه للإيمان المسيحي؟

  8. كيف عاون الله همران ليتغلب على تلك العقبات؟

  9. لماذا يُلقَّب المسيح بالرب؟

  10. لماذا لم يكن همران محتاجاً إلى تغيير عقيدته في وحدانية الله بعد أن صار مسيحياً؟

  11. كيف تنقّي التعاليم المسيحية عقيدة وحدانية الله؟

  12. ما معنى الشِّرك؟

  13. لماذا لا يُعتبر المسيحيون مشركين؟

  14. لماذا قام التثليث المسيحي عقبة في طريق قبول المسلمين للمسيحية؟

  15. وضِّح وحدانية التثليث من وجهة نظر مسيحية؟

  16. كيف تتأكد من موت المسيح فعلاً على الصليب؟

  17. كيف تتأكد من قيامة المسيح من بين الأموات؟

  18. ما هي أنواع الموت المختلفة التي يقيمنا منها المسيح؟

  19. لخص معنى صلب المسيح؟

  20. اكتب إشعياء 53: 4-12 خمس مرات لتحفظها؟

  21. ماذا يحدث لكل الذين يأخذون السيف؟ (راجع متى 26: 52).

  22. هل يعارض القرآن صعود المسيح للسماء؟

  23. ماذا سيفعل المسيح عندما يجيء إلى أرضنا ثانية؟

  24. كيف يُساء تفسير بعض آيات القرآن ليظهر أن الكتاب المقدس محرف؟

  25. هل توجد آية ما في القرآن تقول إن الكتاب المقدس تغير؟

  26. ما هو نوع الألم الذي يواجه أتباع المسيح؟

  27. ما هي التغييرات التي حدثت في حياة همران وعائلته بعد أن قبلوا المسيح؟

  28. ما هي المواعيد الأربعة التي يضمنها الله لأولاده؟

  29. اكتب يوحنا 3: 16 وأعمال 4: 12 خمس مرات لتحفظها عن ظهر قلب؟

  30. هل قررت أن تتبع المسيح الحي؟

الرجاء استخدام الاستمارة الخاصة بالموقع للاتصال بنا:

www.the-good-way.com/ar/contact

كما ويمكنك إرسال إجاباتك بواسطة البريد العادي على العنوان التالي:


The Good Way
P.O. BOX 66
CH-8486
Rikon
Switzerland